تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : معزوفة رائعة اسمها "الوطن"


العنابي
11-23-2009, 09:24 AM
هناك من يعيب هذا الالتصاق الشديد بالمحلية، ويرى فيه الكثير من الإغراق في الحب، وهناك من يعيب هذه التوحد ويرى فيه الانعتاق من الآخر، هذا الآخر الذي لا بد أن نتواصل معه طوعا، أو كراهية، وهناك من يعيب هذا التجسيد لمعنى المادة، وان كان الوطن مادة ومعنى، ويرى في ذلك عنصرية ممقوتة، وهناك من يعيب مثل هذا الطرح ويرى فيه تسطيحا للمعاني، توظيفا غير موفق، وهناك من يعيب تشكيل الصورة في تصورها التقليدي، ويرى أن الصور حتى تكتسب بعدا فنيا لا بد أن تهجن بالصور المنتشرة على امتداد المساحة الجغرافية للمساحة الأرض كلها، فالعالمية لا تكتسب إلا بهذا الاحتواء، وبهذا الاستحضار، وبهذا التميز في رسم صور المشهد التي يجب أن تكون ماثلة أمام الجميع في تكوينها النهائي.
المشكلة الماثلة من هذه النظرة أن هناك افتتان بالصورة المغايرة لدى الآخر، وهناك نزاع داخلي تثيره الذات كلما اصطدمت بصورة احتفالية لدى الآخر، بخلاف ما يراه – على سبيل المثال - الاديب أمين معلوف في كتاب "الهويات القاتلة" ص(160)، حيث يقول:"بالرغم من أن عدد سكان الأرض قد زاد أربع مرات خلال مائة عام، يبدو لي إجمالا أن كل إنسان أصبح أكثر إدراكا مما مضى لفرديته، وأكثر وعيا لحقوقه واقل دون شك لواجباته، وأكثر اهتماما بموقعه في المجتمع وصحته ورفاهيته وجسده ومستقبله الخاص وقدراته، وكذلك هويته أيا كان المضمون الذي يحدده لها".
وأتصور أن مضمون الأشياء يجب أن تنطلق أكثر وأكثر من محليتها، لا من المستورد لها من البعيد، البعيد، حيث تتقوض الهوية، وتتحطم، وهناك شعوب كثيرة اليوم تعاني من غربة حقيقية، قد تفرضها عليها عوامل قاهرة، كمنطق السوق، وشركات متعددة الجنسية، ووضع الاقتصاد العالمي، ولكن لا أتصور أن يكون الحل من خلال الاغتراب الذي يفقد الهويات، ويحيلها إلى كيانات هلامية ليس لها مبتدأ، ولا منتهى.
بالتأكيد ليس المطلوب من الفرد في مجتمعه أن يعيش منعزلا عن الآخر، ولا منتصرا لواقع ميت لم تعد تدب في جسمه الحياة، ولكن عندما يكون هذا الواقع في منتهى النشاط، ومنتهى التفاعل، ومنتهى النمو، ومنتهى التزاوج، ومنتهى التهجين، ومنتهى الإيمان بالثوابت، ومنتهى الأخذ بالمبادرات الحية، ومنتهى المراجعة لكل المواقف، والقرارات، وان شكلت مجموعة صغيرة لهذه الصورة القلقة، فان لهذا المجتمع الحق في أن ينتصر له، والحق في أن تبارك مساعيه، والحق في أن يحيا بأبنائه الذين يخلصون له ويحبوه، والحق في أن يتباهى بالذين يمجدونه، ويجلونه، ويرفعونه تاجا على رؤوسهم.
هناك مجتمعات كثيرة نعرفها، قست على محليتها، وتناست في لحظة الانتصار للذات قيمة الوطن، ومقدراته – وفي مقدمتها الإنسان – فوظفت كل ذلك لأجل هدف بغيض لا يتعدى موضع "كرسي"، فماذا كان مصير هذه الأوطان اليوم، وكما كان الأمس، سوى تشرد، وتشرذم، وظهور ذوات كثيرة كل منها يبحث عن موطئ قدم، لينشئ منها وطن، وان كان هذا الموطئ لا يتجاوز مساحة الكرسي الذي يلفه يمينا، وشمالا جهة الهاوية.
وفي المقابل، وهذا منطق الأشياء، هناك شعوب كثيرة – نتمنى أن نكون منهم – تدرك اليوم معنى الهوية، وتدرك معنى قيمة الوطن، وتدرك معنى محليتها في تأصيل هذه الهوية، وتدرك معنى أن تنام حيث يبدأ الجفن بالنعاس في أي موقع كان في السهل، أو الجبل، وتدرك معنى أن هناك كيان للوطن، كيفما تكون مكوناته.
إذن والحال كذلك ليس هناك مبالغات في مديح الوطن، هناك مساحة ممتدة بحجم العمر، وان قصر العمر فالوطن ممتد، وان عجز اللسان، وخانه التعبير، فالوطن سيظل اكبر مما يمكن أن يقال عنه.
الذي يطمئننا أكثر أن نسمع هذا الصوت النشاز من خارج السرب، وان كان هذا الآتي يقتات، ويشتد عوده من خيرات الوطن.

ღروعة الإحساسღ
11-24-2009, 12:26 AM
إذن والحال كذلك ليس هناك مبالغات في مديح الوطن، هناك مساحة ممتدة بحجم العمر، وان قصر العمر فالوطن ممتد، وان عجز اللسان، وخانه التعبير، فالوطن سيظل اكبر مما يمكن أن يقال عنه.

[العنابي]
"
طرح رآآئع خيووو
"
دام لنا نبض قلمك
"
كل الود