المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفاصيل الجريمة كما حكتها لنا إحدى ضحايا حادثة التربية


العنابي
08-13-2005, 06:32 PM
http://www.jalaan.com/forum/uploaded/picaa3.jpg
http://www.jalaan.com/forum/uploaded/picaa4jpg.jpg
ربما نذكر جميعا كيف تعلقت أعيننا بشاشة التلفاز حين بثت نشرة الأخبار خبر اليوم المريع واللاإنساني الذي حصل بوزارة التربية والتعليم، وقتها تقافز الكثير من الأسئلة إلى أذهاننا حول هذه الحادثة المروعة التي أصابت بلدنا الآمن والمسالم والسؤال الحقيقي الذي كان يلح علينا.. هو: أين تقع الحقيقة وسط هذا الكم الهائل من الملابسات ووسط الأفكار المغلوطة التي تبادلها الناس؟ فمن منا لم يتلق رسائل قصيرة على هاتفه النقال تحوي أسماء الضحايا؟ ومن منا من لم يصعقه الخبر بقوة ؟

منيرة بنت أحمد بن محمد البلوشي حاصلة على ليسانس آداب لغة عربية ودبلوم عال في الدراسات الاسلامية وتعمل كمشرف مجال أول في وزارة التربية والتعليم بمديرية مسقط.طلبنا منها أن تسرد علينا تفاصيل الموقف الصعب الذي عاشته. تنهدت وصمتت كثيرا وبألم ومن ثم قالت: اذكر أنني في ذلك اليوم مت ومن ثم بعثت إلى الحياة مرة أخرى.الذي حصل أن نائب مدير الاشراف المرحوم يوسف البوسعيدي اتصل بي وطلب مني الحضور لأعطيه بعض المقترحات التي بدأنا بإعدادها للعام الدراسي الجديد.
كان عددنا في ذلك الوقت خمسة وإذا برجل لا أتذكر الآن ملامحه جيدا يدخل بشكل مفاجئ، وما كدنا ننتبه له حتى بدأ باطلاق الرصاص على المرحوم يوسف البوسعيدي، وكنت امرأة هشة وجبانة لم أتمالك نفسي أمام مشهد الدم وسقوط المرحوم لذا أغمي علي قبل أن أشعر بالرصاصات الثلاث التي اخترقت جسدي بدا لي الموقف مثل الخيال لم يستطع عقلي تصور مصداقية الحدث،لم أستطع التوازن واستعادة الوعي إلا بعد ثمانية أيام، وبعد أن خرجت من «الانعاش«، وقتها لم أكن بعد أتذكر أي شيء، ولم أكن استطيع الشعور بأي آلام بسبب المهدئات.

استعادة الذاكرة

كنت اطلق الأسئلة لكل الزائرين ولأسرتي فقد كنت أقول لهم: لماذا أنا هنا في هذه الغرفة؟ ما الذي حصل لي؟ ولكن لم يكن ثمة أحد ليجيبني بالحقيقة، وكان جميع الذين حولي يتكفلون بالمواساة. خمنت أشياء كثيرة كوني مريضة بمرض السكري، فتوقعت أنني أصبت بهبوط في نسبة السكر، وبدأت أقنع نفسي أنه ربما السكري، ولكن حصل أن طرحت السؤال عن سبب تواجدي في المستشفى على إحدى الممرضات فقالت لي باستغراب: ألا تعرفين ما الذي أصابك إلى الآن؟ فقلت لها:لا أعرف أخبريني فقالت لي: لقد تعرضت لاطلاق الرصاص تفاجأت كثيرا لأن التخدير كان يمنع عني حتى الاحساس بجسدي أو بألمه لم استطع أن أصدق هول المفاجأة لأن ذاكرتي كانت فارغة من التفاصيل ولكن الذي قالته لي الممرضة خدش الكثير من الضجة التي كانت تعتمل في رأسي وعادت إلى ذهني صورة المرحوم يوسف البوسعيدي وهو يسقط أمامي، كما استيقظت أصوات الطلقات قوية ومدوية في ذاكرتي، لا شيء أكثر من هذا الذي استطعت استذكاره، بدأت استوعب الحقيقة عندما كنت اضطر للنهوض لقضاء الحاجات الشخصية واكتشفت مدى الألم الذي لم أكن أشعر به بسبب المهدئات.
سألتها عن وقع مفاجأة الخبر عليها فأخبرتني أن الخوف تسرب إليها من كل اتجاه ولم تعد تشعر بالأمان، لدرجة أنه إذا قام أحدهم بطرق الباب تشعر أن قلبها سيخرج من فمها من شدة الخوف، وفي الليل وعندما تنام يدوي صوت الرصاص في دماغها وتستيقظ على صداع مؤذ.

ماهي مبرراته؟

حين سألناها عن شكل الرجل الذي ضربها بالرصاص إن كانت لاتزال تذكره فقالت لي: لا أذكر شكله نهائيا الصورة مشوشة في ذاكرتي حتى أن ابنتي احضرت لي صورته ولم استطع التذكر. سألناها عن المبررات التي قد تتصورها ليقدم شخص كهذا على عملية ازهاق أرواح بريئة بهذه الطريقة الشنيعة، والمخيفة؟ تجيبنا: لا استطيع أن أجزم ما هي المبررات التي قد تدفعه ولا استطيع أن أوجد تصورا بدون أن استند إلى أرضية متينة. أخبرناها أن هنالك الكثير من الحكايات التي قيلت في هذا الصدد عن شخصية هذا الرجل هنالك من يقول إنه عابث وهنالك من يقول إنه مريض نفسيا وهنالك من يقف على الضفة الأخرى والمغايرة ويقول إنه إنسان ملتزم لقي الكثير من الظلم. أجابتني: أنا بصراحة لا أعرف شيئا إلى الآن رغم كوني إحدى المصابات إلا أنني بعيدة عن التفاصيل برمتها، فالأطباء والأقارب وزوجي وأبنائي كانوا يتحاشون الحديث في الأمر معي بسبب ظرفي الصحي المتأزم،فبعد خروجي من «الانعاش« كنت مازلت أعاني من صعوبة كبيرة في التنفس وأنا إلى الآن لم أكمل الثمانية أيام منذ عودتي من رحلة العلاج فمن الصعب أن أجزم بشيء من المبررات وخصوصا كوني لا اعرف هذا الرجل الذي تجرأ على محاولة قتلي ولكن يبدو لي أن أقرب تصور ممكن هو أن يكون هذا الرجل مريضا نفسيا، فمن غير المعقول أن شخصا نيته الانتقام يحدث كل هذه المجزرة.
يداخلنا زوجها عبدالرحمن السيابي قائلا: بصراحة لا نعرف ماهي مشكلة هذا الرجل الحقيقية اكتفينا كغيرنا من المواطنين العمانيين بالمعلومات التي قرأناها في الصحف وما بثته نشرة الأخبار، وفي الحقيقة لم يتسن لنا الوقت للسؤال بسبب ظرف زوجتي الصحي.كنا مشغولي البال عليها هي فقط،ولم نفكر بأكثر من أن ندعو الله أن تستعيد عافيتها وبعد عودتنا شغلنا بالزائرين الذين حضروا من كل مكان لمواساتنا الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم بالفعل نحن مازلنا ننعم بتكافل المجتمع العماني، وهذا العمل الرديء هو عابر ولا يمت بصلة لطبيعة مجتمعنا المسالم،وبصراحة عني أنا ولكوني زوجها اعتقد أن استعادتها لعافيتها أمر كاف بالنسبة الينا، وهو أي كانت فعلته فسيلقى جزاءه عند الله تعالى.
ثلاث رصاصات

وعن مواضع الرصاص أخبرتنا قائلة: أصبت بثلاث رصاصات كادت أن تكون مميتة اثنتان دخلتا من الرئة وخرجتا واحدة من الظهر، والأخرى من أسفل الإبط، أما الرصاصة الثالثة فكانت في كاحل قدمي، فمن فضل الله علي أن الرصاصات خرجت بشكل مباشر خصوصا تلك التي أصابت الرئة. تضيف: الطبيب في بريطانيا كان متفاجئا لأن بعد الرصاصة عن وريد القلب كان سنتيمترا واحدا وكان لايتوقع نجاتي من الموت، وكان الأمر بمثابة المعجزة. تضيف: لم استطع السفر بشكل مباشر بسبب أن تنفسي كان سيئا لذا اضطررت إلى الانتظار في مستشفى خولة لفترة من الزمن إلى أن استطعت التنفس بشكل أفضل، وحتى الآن وبعد عودتي عدت على كرسي متحرك، هكذا كتب الله لي الحياة من جديد.
معجزة الحياة، والمغفرة

سألناها: لوكان هذا الشخص الذي حاول القضاء على حياتك على قيد الحياة ماذا سيكون موقفك منه؟ قالت: لو كان على قيد الحياة كنت سأسامحه دنيا وآخرة،وحتى الآن وهو ميت أنا لا أحمل في قلبي عليه أي شائبة وبالعكس تماما أنا أتمنى من الله أن يساعد أهله وأقرباءه على خسارته كروح وأنا انظر للمسألة برمتها على أنها نصيب وقضاء وقدر لأنه كان معنا اثنان آخران من زملائنا لم يصابا بخدش، وآخرون ماتوا، وأنا كان نصيبي أن أصاب بالطلقات ورغم خطورتها إلا ان الله كتب لي العيش وهذه النعمة كفيلة بأن تجعلني أتسامح معه. سألتها عن وضعها الحالي فقالت: الحمد لله بدأت أشعر بتحسن كبير نتيجة كل الجهود التي بذلت هنا وفي الخارج من أجل انقاذ حياتي كما أن الوزارة لم تقصر معي لأنهم صرفوا لي اجازة لمدة شهرين.

العائلة وصدمة الخبر

التقينا بزوجها عبدالرحمن السيابي وسألناه: كيف تلقيت الخبر؟ فيحكي لنا تفاصيل الحكاية قائلا: كنت في بركاء واتصل بي زميلي وقال لي اذهب إلى مستشفى خولة، فشعرت بالخوف لأن زوجتي منيرة كانت في الصباح قد أخبرتني أنها لن تعود إلى المنزل فسألتها مستغربا لماذا تقولين هذا الكلام هل أنت مريضة ؟ فقالت لست مريضة ولكن ينتابني احساس أنني لن اعود اليوم إلى البيت قلت لها يا امرأة توكلي على الله واذهبي.
عندما أخبرني زميلي أن زوجتي في المستشفى خمنت أنها مرضت ولكن عندما وصلت إلى دوار القرم ورأيت الشرطة توقف السير تصاعدت الأفكار السيئة إلى رأسي لدرجة أني أخذت في البكاء غير مصدق لما حدث والأخبار كانت تصلني هنالك من يقول لي إنها ماتت وهنالك من يقول لي إنها مصابة، وكادت الحقيقة أن تضيع من بين يدي. لم أتمكن من شيء سوى الوصول إلى المستشفى، وحين رأيت الضجة الحاصلة هناك، ورأيت وزير التربية والتعليم، ووزير الصحة تأكدت أن ثمة كارثة حصلت. ولكن شكرت الله أنها كانت على قيد الحياة ولم يقصر أحد من المسؤولين معنا.
ويكمل لنا عبدالرحمن مواقف بعض أفراد عائلته عندما تلقوا الخبر فيقول أما عن أبنائي فأكبرهم دكتور في الجيولوجيا الآن يعمل في أمريكا حاولنا جاهدين أن نبعده عن معرفة الخبر ولكنه قرأ الخبر في موقع على الانترنت، تفاجأ كثيرا واتصل لاعتقاده أن والدته من بين المتوفين، ولكننا عملنا على طمأنته أما ابنتنا بدرية فقد كانت قوية المراس، ومتماسكة في الوقت الذي كنت فيه أنا منهارا ولا أعرف كيف أتصرف كانت ابنتي تسأل الأطباء، وتحاول أن تستفسر، وتعمل جاهدة على مواساتي.
العودة لمقر العمل

ماذا بالنسبة لعودتك للعمل هل تشعرين بالتردد والخوف؟ قالت لي: أحاول الآن تقبل الوضع الجديد، وأن استعيد توازني، وأبعد عني الوساوس والهواجس. تقول: أنا منذ خمسة وثلاثين عاما تقريبا وأنا أعمل بالوزارة، ولم أتعرض يوما للإساءة لذا أحاول الآن جاهدة أن لا أعمم هذا الموقف أو أجعله تسيء لي والحمد لله ألقى الكثير من الدعم والتحفيز من العائلة والأصدقاء ومن زملاء العمل.
هذه الحقيقة كما وردت من منيرة أحمد البلوشي امرأة قوية بدأت تستعيد نفسها، وتفكر مليا بالعودة إلى مقر عملها، وجدناها بكل هذا القدر الهائل من المسالمة دون أن تضخم الأمر أو تهوله تشعر أن الله كان كريما معها لأنه وهبها الحياة.. ولعلنا نفتح شبابيك الأسئلة على اتساعها: حادثة كهذه هل تزعزع الأمن؟.. هل تربي فينا الحذر والريبة والشك؟ أم أننا نستطيع تجاوزها بمرونة ونضمن أن الذاكرة كفيلة بطمرها مع الوقت الذي سيمر..؟ سنترك أسئلتنا معلقة الآن...

الطوفان
08-13-2005, 09:22 PM
حظها وهذه نعمة من نعم الله عليها
اذ كتب لها حياة جديده

ريم السلطنة
08-14-2005, 12:17 AM
يالله الحمد الله على كل حال
مشكور اخوي على الموضوع

سويقاوي
08-14-2005, 01:01 AM
مشكوووووووووووووووووور

أسير الليالي
08-14-2005, 02:59 PM
مشكور العنابي

وهذه نعمة من نعم الله عليها اذ كتب لها حياة جديده

العنابي
08-14-2005, 05:44 PM
الحمد لله على كل حالالذي كتب لها الحياة من جديد
مشكورين على الردود