المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مستشفيات يديرها المعالج الشعبي


المنجرد الاخضر2
03-16-2005, 02:02 AM
يعتبر من غير السائد بالنسبة للعديد من الأسر الأفريقية زيارة مركز طبي حديث، في حين أنه من الطبيعي لديهم استشارة معالج شعبي أو كاهن.

وطبقا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية فإن معظم شعوب الدول النامية تعتمد اعتمادا أساسيا على الطب الشعبي، وبالرغم من أهمية دور المعالجين الشعبيين في هذه المجتمعات فإن ما يقدمون من خدمات غير معترف به رسميا من قبل القطاع الطبي. وقد بدأت الحكومات العمل جنبا إلى جنب مع الباحثين على التقليل من الفجوة بين الطب الشعبي والطب الحديث، بما يتضمنه ذلك من استخدام العلم الحديث لتأكيد فعالية العلاجات القديمة. وفي بعض دول غرب أفريقيا حيث يتكامل الطب الشعبي مع الأنظمة الصحية الموجودة يتم تشجيع استخدام كل من النظامين الصحيين جنبا إلى جنب.

وقد كرست على سبيل المثال جمعية الترويج للطب الشعبي بداكار في السنغال -وهي منظمة دولية غير حكومية- جهودها في المحافظة على الطب الشعبي و"العلوم الأصيلة" وإصلاحها وتجديدها، وتقوم هذه الجمعية بإجراء الأبحاث على النباتات الفعالة في علاج الأمراض المعدية بما يشمل بعض النباتات التي تخفف من أعراض مرض الإيدز.

وقد أقامت وزارة الصحة بالسنغال منتدى عن الطب الشعبي والصيدلانيات يهدف إلى جمع معلومات عن الممارسين وخبراتهم ومعرفتهم في قاعدة بيانات يسهل الوصول إليها، وكذلك تكامل وإدخال أفضل ممارسات الطب الشعبي في نظام الحفاظ على الصحة العامة.

وبالرغم من كل هذا لا يزال التدريب الذي يقوم به المعالجون الشعبيون خارج النظام القانوني بدرجة عالية، ووفقا للدراسات التي قام بها مركز بحوث الطب الشعبي في فاتيك بالسنغال عام 1991م فإن نسبة 93.1% من المعالجين الشعبيين بالسنغال يتم تدريبهم على استخدام النباتات على أيدي معالجين شعبيين آخرين، لكن عدم قانونية تدريبهم لم تمنعهم من إدارة المستشفيات والعيادات كما بمستشفى الطب الشعبي في كورمصار الذي يقع في قرية هادئة ليست ببعيدة عن العاصمة المزدحمة داكار، وهذا المستشفى مكون من 10 أكواخ، كل منها يحتوي على سرير أو اثنين.

حمادي ديو.. ممارس بالوراثة


حمادي ديو

المعالج حمادي ديو أحد ممارسي الطب التقليدي في عيادة كورمصار منذ عام 1987م. وقد تم تدريبه على يد عمه الذي توفي عام 1998 عن عمر يناهز الثامنة والسبعين بعد أن علمه حوالي ربع ما يملك من معرفة وخبرة، وذكراه كمعلم حية من خلال صورة له معلقة في حجرة الاستشارات الرئيسية والصيدلية مرتديا معطفه الأرجواني اللون.

ويقول ديو: "إن معرفة الطب الشعبي بقدر ما هي مفيدة جدا فإنها من الممكن أن تكون خطيرة جدا في الوقت نفسه، والخطر لا يكمن فقط في مدى سُمية المواد المستخدمة ولكن يكمن أيضا في القوى الروحانية المستحضرة عند العلاج".

وبناء عليه فإنه يتم اختيار الطلاب بحرص شديد ليكونوا من نفس العائلة، وليكون الممارس والمعلم مسئولَين عن استخدام معرفتهما استخداما مسئولا بما يضمن سلامة مرضاهم؛ فمثلا حمادي ديو اختاره عمه وفضله على أبنائه الثلاثة، وديو بدوره يعلم معرفته الآن لابن أخ له ولشقيق زوجته، بالإضافة إلى طلاب الجامعات وكذلك الباحثون من بلغاريا، وفرنسا والولايات المتحدة الذين يتساءلون عن طرقه العلاجية.

من الصداع حتى الإجهاض

ويعمل بمستشفى كورمصار 4 معالجين، يزورهم في المتوسط 20 مريضا يوميا، معظمهم من كبار السن أصحاب شكاوى من أمراض روماتيزمية، ونساء يطلبن علاجات لأمراض تتراوح من الصداع وحتى الإجهاض، بالإضافة إلى علاج حالات مثل حساسية الصدر ومرض الدرن.

يقول أحد المرضى كبار السن: إنه شفي على أيدي معالجي هذا المستشفى من مرض النشاط الزائد للغدة الدرقية برسوم كشف تعادل دولارين أمريكيين، وما يعادل دولارين للدواء ودولارين للتدليك، وهذه الرسوم هي مجرد أسعار استرشادية؛ حيث إنه وفقا للتقاليد فإن المريض يدفع الرسوم على قدر رضاه بما حصل عليه من علاج، وعادة يزور معظم المرضى العيادة فور حصولهم على رواتبهم؛ وهو ما يشير إلى أن اهتمامهم بصحتهم له أولوية كبيرة حتى ولو كان من الصعب التوفيق بين احتياجاتهم.

20 عاما للتدريب


أكسيل أفوني كوبلان

وفي كوت ديفوار يتم أيضا تكامل الطب الشعبي مع الطب الغربي في خطة الصحة القومية؛ حيث أقامت وزارة الصحة العامة مشروعا قوميا من أجل الترويج للطب الشعبي في عام 1995م. ويساند أحد المعالجين وهو "أكسيل أفوني كوبلان" في الترويج للطب الشعبي كي يحظى بقبول أوسع.

وكان كوبلان الحاصل على شهادة الدكتوراة في الفلسفة من جامعة كوكودي بأبيدجان قد بدأ التدريب على الاستخدام الطبي للنباتات في العاشرة من عمره، ويؤمن بأن المعالج يحتاج على الأقل إلى عشرين عاما من التدريب حتى يمكن الاعتماد عليه في التعرف على النباتات الطبية، ويرجع هذا إلى التشابه الشديد بين مختلف الفصائل النباتية؛ فنجد بعض النباتات السامة شديدة التشابه مع بعض النباتات الطبية. وقد نجد مثلا شجرة الزينة (Calotropis Procera) تحتوي على لحاء مفيد طبيا لكن زهورها قاتلة، أي أن نفس النبات له تأثير مفيد وآخر ضار.

ويصف كوبلان الطريقة الشفوية لتعليم المعارف الأصيلة بأنها طريقة قوية وحيوية وأيضا منطقية؛ فمثلا يتعلم الفرد أن يخرج في الصباح مبكرا، ولا يتحدث إلى أحد حتى يجمع النباتات الطبية قبل أن تتبخر المركبات الفعالة الموجودة فيها تحت تأثير ضوء الشمس مما قد يجعلها عديمة الفائدة.

وتحفظ النباتات الطبية في برطمانات وأكياس، ثم تجفف وتسحق في شكل بودرة لاستخدامها، ويتم حساب الجرعة لكل مريض على أساس السن والوزن، بالإضافة إلى إرشاد المرضى إلى طريقة تجهيز العلاج.

ويراجع المريض المعالج بعد شهرين من زيارته الأولى ليتم إعادة تقييم حالته الصحية، ولا يحتاج المريض لزيارة المعالج خلال الشهرين، ويقوم عادة أحد أفراد العائلة بإحضار العلاجات اللازمة للمريض. وبالإضافة إلى مائتي نبات طبي -أو ما يقاربها- المستخدمة في السنغال؛ فالمعالجون يصنعون أيضا تعاويذ خاصة تحتوي على مواد مختلفة كي ترد الأرواح الشريرة أو المعوقات الميكانيكية في معتقداتهم.

شعبي.. لكن موثق

ويحاول كوبلان (بما أنه مهني متعلم) أن يضفي صلاحية علمية على الطرق الشعبية في التشخيص والعلاج، فيقوم بتحضير الأدوية في معمل صغير بجوار حجرة الاستشارات وحجرة الانتظار بالتعاون مع المعامل الحديثة. ويقوم أيضا كوبلان بتوثيق الحالات التي يعالجها ويتم شفاؤها.

وقد تم التصديق على علاجات كوبلان لأمراض العقم، والسكر، وأمراض الدم، وبعض الإصابات الطفيلية مثل إصابات الترايكومونس، وحمى التيفود، والملاريا، وحتى السكتة عن طريق إخضاعها لاختبارات معملية قاسية في أباديجان، ويجهز كوبلان حاليا لرفع نتائج الاختبارات للنشر في الدوريات المرموقة.

بالإضافة إلى أن معظم المعالجين اليوم يتعاملون بشكل مهني؛ فمثلا يقوم ديو بتسجيل أسماء مرضاه، وما يعانون من أمراض، والعلاج الموصوف لهم. وقد بدأت جمعيات المعالجين القومية في السنغال بإعطاء التراخيص لممارسي الطب الشعبي في عام 2000، وأصبح لديهم بطاقة هوية تحمل صورة المعالج، وهي صالحة لمدة عشرة أعوام.

تناقل الخبرات

وتجتمع "ساكووير" ذات المائة عضو -ومنهم ديو- وهي إحدى جمعيات المعالجين القومية مرة كل عام، من أجل إشراك بعضهم البعض في تناولهم للطرق العلاجية المختلفة وتوسيع نطاقها، بما يضمن للمعالجين استمرارية مهنتهم وتبادل خبراتهم من خلال هذه الاجتماعات ومن خلال تبادل المعارف عن كل مهارة خاصة.

ومعظم الممارسين لديهم صلاحيات خاصة بهم تبعا للإقليم وتبعا للعرف الذي يشتهرون به. فمثلا نجد معالجي "كاسامانس" بجنوب السنغال ذوي صيت في علاج كسور العظام، بينما معالجو "سيريرس" مشهورون بقدرتهم على تفادي آثار لدغ الثعابين السامة.

ولم يعد الطب الشعبي هو الملجأ الأول للجميع؛ حيث ما زال العديد من المرضى يطلبون العون والعلاج من الطب الغربي، ويقول ديو: إنه يرسل مرضى إلى مستشفيات الطب الغربي في حالة تقديره لاحتياج الحالة إلى هذا النوع من الطب، ويضيف أن الطب الشعبي والطب الحديث يجب أن يستخدما لتكملة بعضهما البعض؛ وهو ما يتيح الاستفادة لكل من سكان الريف والحضر، ويؤيد كوبلان المسئول عن تضييق الفجوة بين ممارسي الطب الشعبي ومدرسة الطب الحديث المعترف بها رسميا هذا الرأي تأييدا كاملا.

وفي الدول النامية مثل السنغال وساحل العاج المنفتحة على تكنولوجيا الغرب والمتمسكة بجذورها وقيمها الثقافية والاجتماعية نجد في الوقت نفسه أن الطب الشعبي والحديث متقاربان في الاتجاه؛ ونتيجة لذلك نجد تكافلا بين الاتجاهين يتيح اتصالا في العلاقة الرسمية بين المريض والطبيب، والرابطة الأكثر روحانية وهي ما بين المريض والمعالج الشعبي. ونتيجة كل ذلك نجد أن إقرار السلطات الصحية المتزايد للمعالجين الشعبيين يعتبر خطوة للأمام من أجل تقديم خدمة صحية متكاملة للمجتمع.

جعلاني للابد
03-16-2005, 02:29 AM
أشكرك أخي المنجرد الأخضر2 على هذه المشاركه القيمه منك فلك مني جزيل الشكر