همس الليل
02-05-2007, 02:14 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان جمالى مميزا وسط عائلتي ، أمي وأبي وشقيقاتي الأربع ، جميعهم سمر البشرة . ملامحهم متشابهه تقريبا.... الا أنا كنت منفرده بجمال وملامح جده أمي التي أختارها جد أمي من بلاد بعيده ...... بيضاء كالثلج الناصع . بالطبع لم تستطع جيناتها الوراثية التغلب على العرق الأسمر القوي في عائلتنا ، فبقيت تلك الجينات تقاتل حتي ظهرت أخيرا وتجسدت بوضوح في أنا... حفيدتها.
كان شكلى مميزا لم أكن جميلة على مستوي عائلتي فقط، وانما بلا فخر أستطيع ان أقول بأنني صناعه ربانية مميزة.... فقد أبدع الخالق في صناعتي وتشكيلى فصرت مثار الاعجاب أينما ذهبت.
كلما كبرت كلما برز ذلك الجمال بشكل أكثرجاذبية ، حيت صاروا يسمونني البطة البيضاء، على غرار البطة السوداء التي لا تشبه أخواتها والتي تظهر حكايتها في أفلام الصور المتحركة. بسبب جمالى وتفردي استأثرت بحب وتدليل والدي... فكنت منذ صغري المفضلة دائما . أستحوذ على ما يعجبني من العاب شقيقاتي ويا ويلهن ان لمسن شيئا يخصني ، ملابسي دائما غالية الثمن وملابسهن رخيصة وعادية . أدرس في مدرسة خاصة ، وهن يدرسن في المدارس الحكومية مصروفي أضعاف مصروفهن ولا مجال للمقارنه بيني وبينهن . فأنا الأميرة في هذه العائلة ولا أحد ينافسني أبدا.
توافد العرســــــــــــان :
منذ أن بلغت الخامسة عشرة بدأ الخطاب بالتوافد علي، مع ان اختين تكبراني في العمر الا أنني حظيت بالخطاب الكثر قبل أي واحده منهن . بالطبع فأن والدي والدي كان يرفض جميع الخطاب واحدا تلو الاخر وهو يردد: لا احد منهم يليق بابنتي الجميلة ، لا بد أن أزوجها لمن يستحقها.
كنت سعيده وفرحه باعتزاز والدي بي، وصرت أسخر ممن يتقدمون لخطبتي وأبرز عيوبهم وأضحك من أعماقي وأنا احاول تمثيل وتقليد النساء اللاتي يأتين لخطبتي وأبالغ باظهار بشاعتهن . لم لا وأنا أري الجميع بمنظار قبيح . فلم يكن مقياس الناس سوي باللون وشكل الأنف وحجم الشفاة وغيرها من المقاييس التافهه التي شكلت تفكيري، فهذا ما تعلمته من والدي... لا انظر للشخصية ولا للدين ولا للدرجة العلمية، كل ما يهمني هو الشكل فقط.
لم يكن مستواي العلمي مساوي لشكلى ، فقد كنت طالبه كسوله بليده لا تحسن اكتساب العلم والمعرفه ، وبصراحة ، فأنني لم اكن راغبة في اجهاد نفسي بالمذاكرة ، فرصيدي من الجمال يكفيني لأعيش بأفضل حال ، خصوصا لو أحسنت الاختيار وعرفت كيف اميز الرجل الذي يستحق واحده مثلى.
مرت السنين وأصبحت في العشرين من عمري، اجلس في البيت كأميرة بعد ان تركت الدراسة أسلى نفسي بمتابعه آخر التقليعات ، وصيحات الموضه فأطبقها حرفيا . أستمتع كثيرا بنيل كلمات الأعجاب .... وقد أعددت لنفسي برنامجا يوميا حافلا حيث أذهب الى النوادي الرياضية والصالونات وحفلات الأعراس والمناسبات عكس أخواتي اللاتي كن يفضلن الانكباب على المذاكرة و الانهماك في الأعمال الجادة طوال الوقت .
زواج اخواتي :
انهت اختي الكبري دراستها الجامعيه وتم تعيينها في شركة كبري ، ثم بعد أن جري الراتب الكبير بين يديها بدات بالاهتمام بنفسها... ولكن هيهات ان تبلغ ولو نسبة قليله من أناقتي واهتمامي بنفسي.
تقدم لخطتبها شاب يعمل بنفس الشركة التي تعمل فيها . كانت سعيده جدا بتقدمه لها، على الرغم من أنه يخلو من الجمال والوسامة . نصحتها كثيرا برفضه ، فلربما يأتيها شخص أجمل منه ولكنها أصرت عليه قالت لى بانها معجبة بشخصيته ، فهو لطيف وطيب وهذا كل ما يهمها في الانسان الذي ستعيش عمرها معه. كنت مستغربه من طريقه تفكيرها .... فكيف يمكنها النغاضي عن الشكل. انه أمر غريب ... ماذا لو جاء أطفالها على شكل أبيهم ؟ بالتاكيد ستحزن كثيرا ! عموما انها حياتها وهي حره تفعل بما ما تشاء.
تزوجت أختي وفي عرسها أعجبت بي أكثر الأمهات المدعوات الى العرس فزاد رصيدي من الخطاب وزادت تسليتي في رفضهم واحدا تلو الآخر...... ولم يعد والدي يتدخل بالأمر بعد أن علمني كيف أرفض العرسان.
الغريب هو ان أختي كانت سعيده جدا بعد أن زواجها بذلك المخلوق ، وهي تراه أجمل الرجال.... وما يدهشني اكثر أنها تغار عليه! أمرها غريب .... كيف تغار على هذا الأنسان ؟
بعد سنه زواج من زواج أختي الكبري خطبت أختي التي تليها . انها الخاطب الوحيد الذي تقدم لها ، وليست فيه أيه مميزات سوي أنه جامعي ويعيش مع أمه المطلقه التي ليس لها أحد سواه، عندما وافقت أختي عليه قلقنا أنا وأبي وأمي عليها . ما الذي يجعلها تقبل به؟ كيف ستعيش مع أمه في بيت واحد؟لماذا تضحي باستقلالها في بيتها وتقبل أن تشاركها أمه في مملكتها ؟ انها التعاسة بعينها ، لماذا تلقي بنفسها في مثل هذا الجحيم؟
لم تستمع اختي لكلامنا وأصرت على موقفها وهي تقول بأنه انسان ذو علم ومعرفه ، وأن ذلك هو ما تبحث اختي عنه . وأنها لن تمنعه من بر والدته، فهو وحيدها ولن ترضي أن يلقي بها لتعيش بعيده عنه ؟ وتابعت اختي تقول ان والدته انسانه طيبة ولطيفه وبالأكيد سأكسب محبتها وستعاملني كأنني ابنتها تماما.
لم ينفع معها النصح ، وذهبت جميع حججنا هباء ، تزوجته وذهبت الى بيتها لتعيش مع أم زوجها. وكنا نتوقع ان بتدأ المشاكل بينهما بعد شهر العسل ، ولكن ظننا كان في غير محله . فقد تصادقتا وتحبتاوصارتا مثل السمن على العسل كما يقولون ، وانا في ذهول كامل ولا أفهم ما يحدث من حولى.
عنــــــاد مستمر:
أختي الثالثة تقدم لها خاطب مطلق ولديه طفل يعيش مع امه ، فقلت في نفسي : لا بد انها سترفضه..... فما الذي سيجعلها تقبل به وقد فشل في زواج سابق . والمثل يقول: لو فيه خير ما عافه الطير.
الغريب انها رضيت به وقالت انها تريد انسانا متدينا ، وهذا كل ما يهمها فيه . بالنسبة لفشله في زواجه السابق فانه النصيب ولا احد يعرف ماذا كتب له ، فقلت لها لأستفزها :المتدين الذي تتحدثين عنه ، ربما يفكر بالزواج مرة أخري ، أو ربما يعيد مطلقته الى عصمته من جديد فماذا ستفعلين؟
قالت : لو أارد اني تزوج من اخري وهو قادر على العدل بيننا فلا بأس من ذلك .... الشرع يبح له التعدد. بالنسبة لطليقته فانه لن يعيدها الى عصمته لأنه لو شاء لفعل ذلك من قبل ان يتقدم لخطبتي.
بصراحة لا ادري كيف تفكر أختي ، انها غير منطقية وغير واقعية على الأطلاق . لقدعجزت عن ثنيها عن قرارها فتزوجته على الرغم من قلق أمي وأبي عليها.
الغريب هو أن جميع مخاوفنا لم تتحقق .. لأنه لم يتزوج عليها ولم يعد طليقته الى عصمته وعاشت أختي معه سعيده هانئه لا تشتكي من شئ ... كانت واثقه من ان التوكل على الله هو خير في جميع الأحوال ، وهي غير قلقه اطلاقا على مستقبلها مع انسان لا سلاح له سوي التزامه الديني.
جاء دور أختي الصغري فتزوج من شاب فقير الحال لا يملك الا راتبا بسيطا لا يستطيع ان يقف في وجه العواصف الغلاء في هذا الزمن ولكنها قالت بانها ستساعده براتبها وستبني معه حياتها بشكل تدريجي يناسب دخلهما معا. بالتاكيد هي مجنونه. الرجل خلق من أجل يتحمل مشقه الانفاق على الأسرة... فلم ترهق نفسها في أمر لم يكتب لها؟؟ انها غير منطقية اطلاقا.
هذا ما كنت أفكر فيه ... ولكنها تزوجته وذهبت الى حال سبيلها.
القطـــار الفائــــت:
لم انتبه الى السنين مرت مرورا ووصلت الى سن الثلاثين ولم اتزوج بعد لو يتقدم لى ذلك الشخص الذي يليق بجمالى ويستحقني.
بدا القلق يساور والدي ووالدتي . صار والدي يتنازل عن شروطه بالتدريج والدتي تلح على بقبول أي خاطب قبل أن يفوت القطار كما يقولون.
كيف أتنازل عن فارس الأحلام الجميل الثري الذي رسمت صورته في خيالى ؟ ذلك الذي يستحق جمالى ؟؟ ولكن تزوجت جميع أخواتي ، وصديقاتي وانجبن الأطفال ، وهن سعيدات بحياتهن على الرغم من العيوب التي كنت اجدها في ازواجهن ، ولكن الحياة الأسرية الجميلة الدافئه تظللهن جميعا الا أنا، بقيت مع أمي وأبي في بيت هادئ ساكن يخلو من ضجيج الطفال وحيويتهم الكل يتجمع عندنا في نهاية الأسبوع . عندها أشعر بالسعاده وأنا ألاعب الأطفال واحتضن الصغار وأستمتع بهم . انا عندنا يرحلون فان المنزل يصبح كئيبا متجهما مخيفا لا يطاق.
بعد ان وصلت الى سن الثانية والثلاثين وانقطع حبل الأمل في تقدم خاطب لى اضطررت لدفع اسمي ضمن ملف احدي الخاطبات لتبحث لى عن عريس مناسب.
كان تقدمي في العمر هو الحائل الوحيد الذي يحول الخطاب عني ، حتي ابتسم لى الحظ اخيرا واتصلت الخاطبه لتخبرني بأنها عثرت لى على خاطب لقطة ، في الأربعين من عمره، متزوج ولديه أولاد ولكن حالته المادية ممتازة.
كان الوضع في غاية الأحراج. عندنا جاء الخاطب والتقي بوالدي فوجده أسمر البشرة.... اعتذر وانصرف ، ثم اتصل بالخاطبه ليوبخها لأنه يؤكد عليها بأنه يريد زوجه بيضاء ن وجميلة ، فأخبرته بأن الفتاة فعلا بيضاء وجميلة والأفضل ان يراها بنفسه ، فعاد مرة أخري وطلب من والدي رؤيتي... فقبل والدي على مضض ، وهو يأسف أشد الأسف لأنه رفض من هم أفضل من هذا الذي لا يعرف عنا شيئا وقد جاء عن طريق الخاطبه ، عموما شاهدني واعجب بي وأعجبت به وتم الزواج بشكل سريع وانتقلت لأعيش في شقه أعدها لى وقد وعدني بان يشتري لى فيلا مناسبة .
أحببته وحاولت ان اكون له الزوجه المثاليه ، اعتنيت بنفسي وببيتي وملأت أركان البيت بالزوايا الرومانسية والشموع ، وصرت اعد له المفاجأت الجميلة فأحبني كثيرا وصار يغدق على بالمال كما أريد.
البطـــه الســـــوداء:
مرت سنتان ولم احمل فقمت بعمل الفحوصات اللازمة للتاكد من سلامتي فكانت النتائج كلها ممتازة... فلماذا لا يحدث الحمل؟؟؟ كنت حائرة وقلقه حالى وتغيرت تصرفاتي وتأثرت نفسيتي مما انعكس على علاقتي بزوجي كثيرا.
في احدي الأمسيات كنت أبكي فضاق بي ذرعا وخرجت منه كلمات تمنيت لو مت قبل أن اسمعها قال لى بوقاحه : لماذا تصرين على الحمل ؟ فقلت له : أريد ان اكون اما.... ألا تدرك مدي حاجتي لذلك؟
قال : هل فكرت بالمخلوق الذي ستلدينه؟ ربما جاء ليشبه احد أفراد أسرتك...ماذا سيكون وضعي طفل أسمر مع اخوة بيض ؟ كيف يمكنني تقبل مثل هذا الولد ؟ هل انت حمقاء ام ماذا؟
انتابني دوار شديد وكد اسقط على الأرض من قسوة تلك الكلمات . ما هذه العنصرية البشعه التي يتحدث بها هذا الأنسان ؟ ألسنا كلنا مخلوقات صنعها الخالق؟ هل يختار احدنا لونه او شكله؟ ألا يعلم أن كل هذه الأمور هي بيد الله وحده؟
عدت الى الوراء وتذكرت بأنني كنت أفكر بنفس الطريقة عندما رفضت معظم الخطاب لا لشئ الا لألوانهم وأشكالهم . وكيف أنني أسمعت اختي بنفس العبارة تقريبا وانا استهزئ بالرجل الذي خطبها . تذكرت استهزائي بالناس وأشكالهم وصورهم ، نسيت ان ما استهزئ به هو ما خلقه الله ، وصنعه وانه هو وحده الذي يختار لنا أشكالنا والواننا وأنه خلق لنا عقولا نقدر بها الأمور فلا نحكم على الناس بمقاييس الشكل والمظهر وانما نبحث عن المميزات الأخري الأكثر اهمية وهي الشخصية، والدين والعلم وحسن الخلق وغيرها من الصفات التي يجب البحث عنها في شريك العمر.
أدركت مدي تفاهتي وسطحيتي ، فعذرت زوجي لأنه يفكر بنفس طريقتي وهو لا يري الأموربشكلها الحقيقي . لم أحقد عليه وانما حقدت علىنفسي فهو مرآة عكست اسلوبي الخاطئ في التفكير ، وقد اعطاني درسا واقعيا تعلمت منه الكثير.
جلست امامه والدموع تملأ عيني احس هو بالحراج والندم على ما قاله، أراد ان يعتذر ولكنني أسكته وقلت له: انااتمسك بحقي في الأمومة...ولن احرم نفسي منه ما دمت معافاة وشليمة، فان كنت تفكر بهذا الشكل فانني لا احب ان أكمل مشوار الحياة معك ...وان كنت تحبني فلتتقبل فكره البطة السمراء مع اخواتها البيض ... فما رايك؟؟
قال لى وهو يبتسم: وهل يمكنني الاستغناء عنك أيتها البطة البيضاء ؟ وسأتقبل كل ألوان البط الذي الذي ستنجبينه.
للكاتبه المبدعه// سعاد جواد
كان جمالى مميزا وسط عائلتي ، أمي وأبي وشقيقاتي الأربع ، جميعهم سمر البشرة . ملامحهم متشابهه تقريبا.... الا أنا كنت منفرده بجمال وملامح جده أمي التي أختارها جد أمي من بلاد بعيده ...... بيضاء كالثلج الناصع . بالطبع لم تستطع جيناتها الوراثية التغلب على العرق الأسمر القوي في عائلتنا ، فبقيت تلك الجينات تقاتل حتي ظهرت أخيرا وتجسدت بوضوح في أنا... حفيدتها.
كان شكلى مميزا لم أكن جميلة على مستوي عائلتي فقط، وانما بلا فخر أستطيع ان أقول بأنني صناعه ربانية مميزة.... فقد أبدع الخالق في صناعتي وتشكيلى فصرت مثار الاعجاب أينما ذهبت.
كلما كبرت كلما برز ذلك الجمال بشكل أكثرجاذبية ، حيت صاروا يسمونني البطة البيضاء، على غرار البطة السوداء التي لا تشبه أخواتها والتي تظهر حكايتها في أفلام الصور المتحركة. بسبب جمالى وتفردي استأثرت بحب وتدليل والدي... فكنت منذ صغري المفضلة دائما . أستحوذ على ما يعجبني من العاب شقيقاتي ويا ويلهن ان لمسن شيئا يخصني ، ملابسي دائما غالية الثمن وملابسهن رخيصة وعادية . أدرس في مدرسة خاصة ، وهن يدرسن في المدارس الحكومية مصروفي أضعاف مصروفهن ولا مجال للمقارنه بيني وبينهن . فأنا الأميرة في هذه العائلة ولا أحد ينافسني أبدا.
توافد العرســــــــــــان :
منذ أن بلغت الخامسة عشرة بدأ الخطاب بالتوافد علي، مع ان اختين تكبراني في العمر الا أنني حظيت بالخطاب الكثر قبل أي واحده منهن . بالطبع فأن والدي والدي كان يرفض جميع الخطاب واحدا تلو الاخر وهو يردد: لا احد منهم يليق بابنتي الجميلة ، لا بد أن أزوجها لمن يستحقها.
كنت سعيده وفرحه باعتزاز والدي بي، وصرت أسخر ممن يتقدمون لخطبتي وأبرز عيوبهم وأضحك من أعماقي وأنا احاول تمثيل وتقليد النساء اللاتي يأتين لخطبتي وأبالغ باظهار بشاعتهن . لم لا وأنا أري الجميع بمنظار قبيح . فلم يكن مقياس الناس سوي باللون وشكل الأنف وحجم الشفاة وغيرها من المقاييس التافهه التي شكلت تفكيري، فهذا ما تعلمته من والدي... لا انظر للشخصية ولا للدين ولا للدرجة العلمية، كل ما يهمني هو الشكل فقط.
لم يكن مستواي العلمي مساوي لشكلى ، فقد كنت طالبه كسوله بليده لا تحسن اكتساب العلم والمعرفه ، وبصراحة ، فأنني لم اكن راغبة في اجهاد نفسي بالمذاكرة ، فرصيدي من الجمال يكفيني لأعيش بأفضل حال ، خصوصا لو أحسنت الاختيار وعرفت كيف اميز الرجل الذي يستحق واحده مثلى.
مرت السنين وأصبحت في العشرين من عمري، اجلس في البيت كأميرة بعد ان تركت الدراسة أسلى نفسي بمتابعه آخر التقليعات ، وصيحات الموضه فأطبقها حرفيا . أستمتع كثيرا بنيل كلمات الأعجاب .... وقد أعددت لنفسي برنامجا يوميا حافلا حيث أذهب الى النوادي الرياضية والصالونات وحفلات الأعراس والمناسبات عكس أخواتي اللاتي كن يفضلن الانكباب على المذاكرة و الانهماك في الأعمال الجادة طوال الوقت .
زواج اخواتي :
انهت اختي الكبري دراستها الجامعيه وتم تعيينها في شركة كبري ، ثم بعد أن جري الراتب الكبير بين يديها بدات بالاهتمام بنفسها... ولكن هيهات ان تبلغ ولو نسبة قليله من أناقتي واهتمامي بنفسي.
تقدم لخطتبها شاب يعمل بنفس الشركة التي تعمل فيها . كانت سعيده جدا بتقدمه لها، على الرغم من أنه يخلو من الجمال والوسامة . نصحتها كثيرا برفضه ، فلربما يأتيها شخص أجمل منه ولكنها أصرت عليه قالت لى بانها معجبة بشخصيته ، فهو لطيف وطيب وهذا كل ما يهمها في الانسان الذي ستعيش عمرها معه. كنت مستغربه من طريقه تفكيرها .... فكيف يمكنها النغاضي عن الشكل. انه أمر غريب ... ماذا لو جاء أطفالها على شكل أبيهم ؟ بالتاكيد ستحزن كثيرا ! عموما انها حياتها وهي حره تفعل بما ما تشاء.
تزوجت أختي وفي عرسها أعجبت بي أكثر الأمهات المدعوات الى العرس فزاد رصيدي من الخطاب وزادت تسليتي في رفضهم واحدا تلو الآخر...... ولم يعد والدي يتدخل بالأمر بعد أن علمني كيف أرفض العرسان.
الغريب هو ان أختي كانت سعيده جدا بعد أن زواجها بذلك المخلوق ، وهي تراه أجمل الرجال.... وما يدهشني اكثر أنها تغار عليه! أمرها غريب .... كيف تغار على هذا الأنسان ؟
بعد سنه زواج من زواج أختي الكبري خطبت أختي التي تليها . انها الخاطب الوحيد الذي تقدم لها ، وليست فيه أيه مميزات سوي أنه جامعي ويعيش مع أمه المطلقه التي ليس لها أحد سواه، عندما وافقت أختي عليه قلقنا أنا وأبي وأمي عليها . ما الذي يجعلها تقبل به؟ كيف ستعيش مع أمه في بيت واحد؟لماذا تضحي باستقلالها في بيتها وتقبل أن تشاركها أمه في مملكتها ؟ انها التعاسة بعينها ، لماذا تلقي بنفسها في مثل هذا الجحيم؟
لم تستمع اختي لكلامنا وأصرت على موقفها وهي تقول بأنه انسان ذو علم ومعرفه ، وأن ذلك هو ما تبحث اختي عنه . وأنها لن تمنعه من بر والدته، فهو وحيدها ولن ترضي أن يلقي بها لتعيش بعيده عنه ؟ وتابعت اختي تقول ان والدته انسانه طيبة ولطيفه وبالأكيد سأكسب محبتها وستعاملني كأنني ابنتها تماما.
لم ينفع معها النصح ، وذهبت جميع حججنا هباء ، تزوجته وذهبت الى بيتها لتعيش مع أم زوجها. وكنا نتوقع ان بتدأ المشاكل بينهما بعد شهر العسل ، ولكن ظننا كان في غير محله . فقد تصادقتا وتحبتاوصارتا مثل السمن على العسل كما يقولون ، وانا في ذهول كامل ولا أفهم ما يحدث من حولى.
عنــــــاد مستمر:
أختي الثالثة تقدم لها خاطب مطلق ولديه طفل يعيش مع امه ، فقلت في نفسي : لا بد انها سترفضه..... فما الذي سيجعلها تقبل به وقد فشل في زواج سابق . والمثل يقول: لو فيه خير ما عافه الطير.
الغريب انها رضيت به وقالت انها تريد انسانا متدينا ، وهذا كل ما يهمها فيه . بالنسبة لفشله في زواجه السابق فانه النصيب ولا احد يعرف ماذا كتب له ، فقلت لها لأستفزها :المتدين الذي تتحدثين عنه ، ربما يفكر بالزواج مرة أخري ، أو ربما يعيد مطلقته الى عصمته من جديد فماذا ستفعلين؟
قالت : لو أارد اني تزوج من اخري وهو قادر على العدل بيننا فلا بأس من ذلك .... الشرع يبح له التعدد. بالنسبة لطليقته فانه لن يعيدها الى عصمته لأنه لو شاء لفعل ذلك من قبل ان يتقدم لخطبتي.
بصراحة لا ادري كيف تفكر أختي ، انها غير منطقية وغير واقعية على الأطلاق . لقدعجزت عن ثنيها عن قرارها فتزوجته على الرغم من قلق أمي وأبي عليها.
الغريب هو أن جميع مخاوفنا لم تتحقق .. لأنه لم يتزوج عليها ولم يعد طليقته الى عصمته وعاشت أختي معه سعيده هانئه لا تشتكي من شئ ... كانت واثقه من ان التوكل على الله هو خير في جميع الأحوال ، وهي غير قلقه اطلاقا على مستقبلها مع انسان لا سلاح له سوي التزامه الديني.
جاء دور أختي الصغري فتزوج من شاب فقير الحال لا يملك الا راتبا بسيطا لا يستطيع ان يقف في وجه العواصف الغلاء في هذا الزمن ولكنها قالت بانها ستساعده براتبها وستبني معه حياتها بشكل تدريجي يناسب دخلهما معا. بالتاكيد هي مجنونه. الرجل خلق من أجل يتحمل مشقه الانفاق على الأسرة... فلم ترهق نفسها في أمر لم يكتب لها؟؟ انها غير منطقية اطلاقا.
هذا ما كنت أفكر فيه ... ولكنها تزوجته وذهبت الى حال سبيلها.
القطـــار الفائــــت:
لم انتبه الى السنين مرت مرورا ووصلت الى سن الثلاثين ولم اتزوج بعد لو يتقدم لى ذلك الشخص الذي يليق بجمالى ويستحقني.
بدا القلق يساور والدي ووالدتي . صار والدي يتنازل عن شروطه بالتدريج والدتي تلح على بقبول أي خاطب قبل أن يفوت القطار كما يقولون.
كيف أتنازل عن فارس الأحلام الجميل الثري الذي رسمت صورته في خيالى ؟ ذلك الذي يستحق جمالى ؟؟ ولكن تزوجت جميع أخواتي ، وصديقاتي وانجبن الأطفال ، وهن سعيدات بحياتهن على الرغم من العيوب التي كنت اجدها في ازواجهن ، ولكن الحياة الأسرية الجميلة الدافئه تظللهن جميعا الا أنا، بقيت مع أمي وأبي في بيت هادئ ساكن يخلو من ضجيج الطفال وحيويتهم الكل يتجمع عندنا في نهاية الأسبوع . عندها أشعر بالسعاده وأنا ألاعب الأطفال واحتضن الصغار وأستمتع بهم . انا عندنا يرحلون فان المنزل يصبح كئيبا متجهما مخيفا لا يطاق.
بعد ان وصلت الى سن الثانية والثلاثين وانقطع حبل الأمل في تقدم خاطب لى اضطررت لدفع اسمي ضمن ملف احدي الخاطبات لتبحث لى عن عريس مناسب.
كان تقدمي في العمر هو الحائل الوحيد الذي يحول الخطاب عني ، حتي ابتسم لى الحظ اخيرا واتصلت الخاطبه لتخبرني بأنها عثرت لى على خاطب لقطة ، في الأربعين من عمره، متزوج ولديه أولاد ولكن حالته المادية ممتازة.
كان الوضع في غاية الأحراج. عندنا جاء الخاطب والتقي بوالدي فوجده أسمر البشرة.... اعتذر وانصرف ، ثم اتصل بالخاطبه ليوبخها لأنه يؤكد عليها بأنه يريد زوجه بيضاء ن وجميلة ، فأخبرته بأن الفتاة فعلا بيضاء وجميلة والأفضل ان يراها بنفسه ، فعاد مرة أخري وطلب من والدي رؤيتي... فقبل والدي على مضض ، وهو يأسف أشد الأسف لأنه رفض من هم أفضل من هذا الذي لا يعرف عنا شيئا وقد جاء عن طريق الخاطبه ، عموما شاهدني واعجب بي وأعجبت به وتم الزواج بشكل سريع وانتقلت لأعيش في شقه أعدها لى وقد وعدني بان يشتري لى فيلا مناسبة .
أحببته وحاولت ان اكون له الزوجه المثاليه ، اعتنيت بنفسي وببيتي وملأت أركان البيت بالزوايا الرومانسية والشموع ، وصرت اعد له المفاجأت الجميلة فأحبني كثيرا وصار يغدق على بالمال كما أريد.
البطـــه الســـــوداء:
مرت سنتان ولم احمل فقمت بعمل الفحوصات اللازمة للتاكد من سلامتي فكانت النتائج كلها ممتازة... فلماذا لا يحدث الحمل؟؟؟ كنت حائرة وقلقه حالى وتغيرت تصرفاتي وتأثرت نفسيتي مما انعكس على علاقتي بزوجي كثيرا.
في احدي الأمسيات كنت أبكي فضاق بي ذرعا وخرجت منه كلمات تمنيت لو مت قبل أن اسمعها قال لى بوقاحه : لماذا تصرين على الحمل ؟ فقلت له : أريد ان اكون اما.... ألا تدرك مدي حاجتي لذلك؟
قال : هل فكرت بالمخلوق الذي ستلدينه؟ ربما جاء ليشبه احد أفراد أسرتك...ماذا سيكون وضعي طفل أسمر مع اخوة بيض ؟ كيف يمكنني تقبل مثل هذا الولد ؟ هل انت حمقاء ام ماذا؟
انتابني دوار شديد وكد اسقط على الأرض من قسوة تلك الكلمات . ما هذه العنصرية البشعه التي يتحدث بها هذا الأنسان ؟ ألسنا كلنا مخلوقات صنعها الخالق؟ هل يختار احدنا لونه او شكله؟ ألا يعلم أن كل هذه الأمور هي بيد الله وحده؟
عدت الى الوراء وتذكرت بأنني كنت أفكر بنفس الطريقة عندما رفضت معظم الخطاب لا لشئ الا لألوانهم وأشكالهم . وكيف أنني أسمعت اختي بنفس العبارة تقريبا وانا استهزئ بالرجل الذي خطبها . تذكرت استهزائي بالناس وأشكالهم وصورهم ، نسيت ان ما استهزئ به هو ما خلقه الله ، وصنعه وانه هو وحده الذي يختار لنا أشكالنا والواننا وأنه خلق لنا عقولا نقدر بها الأمور فلا نحكم على الناس بمقاييس الشكل والمظهر وانما نبحث عن المميزات الأخري الأكثر اهمية وهي الشخصية، والدين والعلم وحسن الخلق وغيرها من الصفات التي يجب البحث عنها في شريك العمر.
أدركت مدي تفاهتي وسطحيتي ، فعذرت زوجي لأنه يفكر بنفس طريقتي وهو لا يري الأموربشكلها الحقيقي . لم أحقد عليه وانما حقدت علىنفسي فهو مرآة عكست اسلوبي الخاطئ في التفكير ، وقد اعطاني درسا واقعيا تعلمت منه الكثير.
جلست امامه والدموع تملأ عيني احس هو بالحراج والندم على ما قاله، أراد ان يعتذر ولكنني أسكته وقلت له: انااتمسك بحقي في الأمومة...ولن احرم نفسي منه ما دمت معافاة وشليمة، فان كنت تفكر بهذا الشكل فانني لا احب ان أكمل مشوار الحياة معك ...وان كنت تحبني فلتتقبل فكره البطة السمراء مع اخواتها البيض ... فما رايك؟؟
قال لى وهو يبتسم: وهل يمكنني الاستغناء عنك أيتها البطة البيضاء ؟ وسأتقبل كل ألوان البط الذي الذي ستنجبينه.
للكاتبه المبدعه// سعاد جواد